مصطفى زيدان يكتب : فشل القبطان ونجاة السفينة
عندما نذمُّ قيادةَ القُبطان للسفينة، ونَعيب عليه طريقته، ونحذّر من هلآكنا جميعا بسبب سوء إدارته، ثم بعد ذلك نجدُ السفينةَ تنجو وتصل لبر الأمان، فسيظن أغلبنا أنه مِن حُسن إدارة القبطان ذاته، ويَصُعب علينا إدراك أن هناك مَن قام بدور القبطان الحقيقي بدون أن يصعد على سطح السفينة وتراه الأعين، وأنقذنا جميعا من الغرق دون أن يأخذ أوامرًا من القبطان نفسه، أنقذنا بدون أن ينتظر أي مقابل، سوى جزاءه من الله، وكفى بالله حسيبًا.
بقدر ما تأتي المصائب بالآلام بقدر ما يصاحبها من لطف الرحمن، فبقدر ما نعاني كل يوم مما يسببه ذلك الوباء من فقدان لبعض الأهل والأقارب والأصدقاء، وبقدر ما يُظهر لنا من جهلٍ لدى البعض، ومرضٍ في نفوس البعض، وبقدر ما يُظهر لنا الجانب السيىء من البشر، إلا أن هناك فئات أبتّ إلا أن تسطّر أمامنا أسمى معاني التضحية، وآخرون يرسمون لوحات من تحمل مسؤليات دون الطلب منهم، والبعض الآخر يحمل على عاتقه همّ مرض أناس لا يعرف عنهم شيئًا سوى انتمائهم لبني البشر.
في الوقت الذي تخلّت فيه وزارة الصحة عن دورها الأساسي في بعض المحافظات، والتي منها محافظة الفيوم، جاء دور الأطباء وفئات كثيرة من الشعب لتشكيل حائط الصد الأول في وجهه الوباء؛ تبرعات من جهات كثيرة بشكل يحثُّ الصامت على الخروج من صمته، ليشهد ببعض الكلمات على الأفعال العظيمة التي تُسجّل كل يوم.
آلافُ تلو آلافِ من التبرعات، تطوّعَ الكثير من الشباب للمساعدة، بعض الأطباء قرروا تهيئة أجنحة متخصصة للوباء وتجهيزها بالمستلزمات اليومية من مالهم الخاص في المستشفى، والبعض قرر متابعة الحالات بالمنازل، وأطباء آخرون لم يلتفتوا لوزارة الصحة وتقصيرها معهم في حل المشكلة وقرروا أن يلبوا همُ إحتياجات المستشفيات من خلال جمع التبرعات وتعويض النواقص.
سنتخطى الأزمة بإذن الله، لكنه بفضل الله أولًا، ثم بفضل هؤلاء الأبطال من الأطباء وبعض أفراد الشعب الذي مازال يملك من الضمير ما يجعله يُحسن لمن لا يعرفه.
إن نجونا فلن يكون بحسن إدراة قبطان الوزارة، بل لأن عمال السفينة من الأطباء ورجال الخير لهم كلمة أخرى، ولن يصعدوا على متن السفنية ويتباهوا بذلك وتُسلّط عليهم الأضواء، بل هذا سيكون من نصيب القبطان كالعادة رغم فشله، وسيختفون هم عن الأنظار رغم نجاحهم، فجزائهم عند الله، وكفى بالله وهو كفيلهم.
للتعليق