أحدث المقالات

أمير عزام يكتب : يوميات رجل مبيعات

أمير عزام يكتب : يوميات رجل مبيعات "1"

يوميات رجل مبيعات "1"

حين يكون العمل مرآتك!!فلا تبخل علي نفسك ان تتجمل....


"سمعيني صوته كده"
هكذا قالت إحدي الفتيات بجوار الفتاة التي كانت تقف في سنترال بمطنقة شبرا تستعمل أحد الهواتف الجوالة تحاكي عن طريقة أحد الشباب "العاشق" والذي لم يتجاوز عمره ولا عمرهن الخامسة عشر عاماً.

 تعجب عقلي الساخر بطبيعته من هذه المواقف الساذجة والذي خيل لي أني ٱلقي من يدها هذا الهاتف وٱعنفها حتي أني أمرتها بالعودة الي المنزل لتهتم بٱسرتها وبوالدتها المرهقة من العمل في المنزل وكتابها الذي لم تهتز صفاحته.ولكن سرعان ما انتبهت لصديقي ملبياً ندائه "يلا ياعم الحج".

خرجنا لنكمل زيارتنا مع باقي العملاء حيث كان ذلك ثاني يوم تدريب لي في وظيفتي الجديدة "مندوب مبيعات"، كان الحوار شيق جداً لدرجة أني أحببت هذه الوظيفة المرهقة للبدن والعقل سوياً،ولم ٱكمل سؤالي له حتي أن قاطعني "يلا ندخل المحل ده"، في الحقيقة أنا لست في وضع يسمح لي بالموافقة أو الرفض لأنني ببساطة متدرب جديد، صاحب هذا المتجر الجيد المرتب بأناقة الملوك ومعطر برائحة الورد هو شخص ملتحي طيب الخلق وحسن الوجه له مخارج حروف جيدة وطريقتة مهذبة في الحديث وطلب منا أشياء كثيرة.

في الحقيقة لم أنتبه لما حدث بينهم جيداً لأني ما زلت أتذكر هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يجلسون علي المقاهي ومن حولهم يتطاير دخان الشيشه والسجائر في كل مكان،وتشتهر هذه المنطقة بمشاهدة الأفلام المسروقة والحصرية وكان عدد هؤلاء يتجاوز المائة شخصاً والشئ الأعجب أن المقهي ينقسم إلي قسمان إحداهما أجنبي والآخر عربي.

 تخيلت وقتها لو أن كل هؤلاء الأشخاص يعملون أو يتعلمون أو يصلون أو يتشاورون أو يتشاركون في حب بعضهم. ما كان ذلك حالهم ولا كان هذا حالنا!.

الشئ الوحيد الذي أسعدني حتي أنه أنساني هذه المواقف الصعبة هو أن صديقي ومدربي في العمل أفرج عني وأنهي تدريبي مبكراً، تركته بعد أن علمني كثيراً عن هذه المهنة الصعبة ولكن كان لشبرا الخيمة النصيب الأكبر فهي من علمتني أكثر.

ذهبت مسرعاً إلي محطة مترو الأنفاق وأنا في قمة السعادة لأني أنهيت يومي باكراً ولكن سرعان ما زالت هذه السعادة عندما قابلت فتاتان في سن العشرين تقريباً،  يتصفان بالسمار النسبي يرتديان ثياب ضيقة مرتفعة إلي الكعبين وخصلات شعر بألوان الطاووس يتحاوران حول كيفية إقناع "محمود" محبوب "شيماء"  بالتدخل لصلح "ساميه"علي محبوبها "كريم" وكأن كل مشاكل الدنيا تنحصر في العلاقات العاطفية ويتوقف مصير العالم أجمع علي هذه العلاقة!.

لفت إنتباهي مجموعة من الأفارقة يبتعدون بسنتيميترات قليلة عن هاتان الفتاتان في عربة القطار،بثياب واسعة ورائحة طيبة يقفون بثبات شخصيتهم لا علي أقدامهم يتحدثون بلباقة وأدب حديث  وكانت لغتهم عربية أقرب إلي النوبية "أسوان"، لم أفهم كثيراً مما قالوا لكني توصلت لشئ أعمق من فهمي لهم ألا وهو لو أننا فعلنا مثلهم،ذات يوم سنصدر التحضر للعالم كما الماضي.

لم أستمتع بهم كثيراً حتي وجدت نفسي في محطة الملك الصالح أستعد للنزول من عربة القطار ونصفي حزين والآخر سعيد.
سعادتي تتلخص في أنني ذاهب لمنزلي حتي أريح بدني وأحصل علي وجبتي المفضلة "النوم"، وحزني يتغلب عليا جداً، كيف سيكون يومي غداً وكيف أستعد للمواقف التاليه في حياتي وفي أيامي المقبلة.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-