أحدث المقالات

مصطفى زيدان يكتب : حقي أن أفسر أحداث الكون بمعتقداتي


مصطفى زيدان يكتب : حقي أن أفسر أحداث الكون بمعتقداتي

مصطفى زيدان يكتب : حقي أن أفسر أحداث الكون بمعتقداتي 



ربما يحق لكل إنسان رؤية العالم بمنظوره الخاص، تِبعًا لمعتقداته وأفكاره وعاداته وفلسفته الخاصة، وهو أمر منطقي جدًا محاولة تفسيره للعالم تِبعًا لذلك المنظور.. ومحاولة إسقاط أحداث الكوكب كلها وتطويعها لما يخدم صحة منظوره ومعتقده.

فعندما يسقط كوب به ماء مغلي من فوق منضدة، ونسأل الجالسين لماذا وقعت؟!

سيجيب عالم الفزياء بأنه تبعًا لقوة الجاذبية بعدما اختلّت قوى التوازن.. فسقطت تجاه الأرض الأكثر جذبًا.

سيتأمل الأمر عالم الكيمياء ويجيب أن الغليان أثار تضارب الذرات حتى وضحت تلك القوى المتضاربة وكانت المحصلة في الجانب الخالي من المنضدة.. فسقطت.

سيردد علينا مدرس اللغة العربية بأنها سقطت لأنها لم تأخذ وضع السكون، فكان السقوط الوضع الذي يستحقها من الإعرب.

سيلتفت عالم الدين ويتأمل في ردودهم ويقول مَن أشرق الشمس من مسكنها هو من سبب لها قوانين الكون الآن للسقوط، فلله حكمته، وربما سقوطها الآن خير من بقائها، وربما هذا عمرها فانتهت.

سيتدخل الشاعر الآن ويلقي شِعره عن أطلال حبه الذي سقط كما كوب الماء، بعدما تهالك قلبه من غليان مشاعر الوفاء.

سينادي فينا الآن رجل حكيم ويقول سقطت لأن ابني الصغير هو من هزّ المنضدة.

وستتدخل أمي وتقطع الجلسة علينا وتقول ها هو كوب آخر ودعكم من الجدال أيها البلهاء، فسقوطها يحدث دائمًا وهو أمر طبيعي.

وربما لمذيع الإعلام المصري رأي آخر، ويحاول ربط السقوط بسقوط ظلم وارتفاع عدل من حاكم البلاد.

وربما وربما وربما.. 

فالسؤال واحد لكن العقول مختلفة والمنظور الخاص بكل عقل سينتج إجابة مختلفة تبعًا لفهمه.

لكن كل هؤلاء لا يستطيعون إنكار سقوط كوب الماء فيجوز جدالهم وسماع آرائهم حتى وإن كانت سخيفة، أما من ينكرون سقوط الكوب فهؤلاء أحرى بالإبتعاد عنهم، لأنهم لن يصدقوا بسقوط الكوب إلا عندما ينسكب بمائه المغلي على جلودهم فيستشعرون حجم الألم.

كذلك الناس وكذلك من ينكرون عدم وجود الفيروس، وتستطيع أن تقول كذلك أيضًا من ينكرون وجود إله، لن يصدقوا إلا بعد فوات الأون، إلا بعد سقوط الكوب.. عليهم.
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -