هشام سليم يكتب : تغاير المفاهيم في العنف
كما قال "هير اقليطس "أن العنف هو أصل كل الأشياء هو ما يتجلي من خلال قوله "أن القتال هو أبو سائر الأشياء " ولكن كيف يكون العنف هو أصل الأشياء ؟!
العنف يمارس يوميا في حياتنا برضانا أو بغير رضانا ، فأنت حين يُثار غضبك تعبر عنه بالعنف والتكسير ؛فيأتي السؤال : هل العنف مرتبط بالتكسير ؟! في واقع الأمر تكون الإجابة نعم ،فالعنف ينمو بداخلنا من الصغر نتيجة الأفعال التي نراها في حياتنا من قتلٍ وقتَّالٍ ، من عنف الوالدين أمام أطفالهم ؛إذاً فالعنف يستمد من الوالدين والبيئة المحيطة بهم فترى اليوم من يقتل بغير سبب ومن يقتل بغير دافع ! .
فطبيعة الإنسان الأنانية تقتضي باستعمال العنف من أجل إثبات الذات كما أكد سيغموند فرويد أن الفرد تحكمه نزعة الحياة (إيروس) ونزعة الموت (تنياطوس ) وهذا ما يفسر السلوك العدواني لدى الإنسان منا لأنه يسعي إلي التملك ،أو فرض السلطة ،أو البقاء ؛فيرى القارئ أن من دوافع العنف تدمير الحياة فلما هذا التفسير ؟!!.
نعم العنف تدمير وتخريب ولكن هذا في المجمل وليس في التفسير ،فالتفسير دائما ما يوضح الغامق من الأمور التي نعطي بها رأيا سريعا فيكون متعجلاً خاطئاً في معظمه ،يأتي العنف في الضرورة فعند العدوان نستعمل العنف والقتال فهم مترابطان تماما مع بعضهم البعض ، فلك الحكم عندما ترى حروبا بغير سبب فهذا عنف مستبد دافعه الطمع والرغبة في السيطرة علي الغير فيأتي الموت مغيراً الأسباب بينهم فيتحول الدافع إلي دافع للإنتقام من أجل من ماتوا هباء منك فأنت تريد الحرب والسيطرة فيموت جنودك فتريد الٱنتقام علي حساب الأخرين .
وإليك حرب الفيتنام فهناك العديد من وجهات النظر المتضاربة حول هذا الصراع، البعض في الجانب الفيتنامي الشمالي والجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام ينظرون إلى أن النضال ضد القوات الأمريكية كحرب استعمارية واستمرار للحرب الهندوصينية الأولى والتي كانت ضد القوات الفرنسية،وخاصة بعد مؤتمر 1954 الفاشل في جنيف والذي يدعو إلى إجراء انتخابات. أما الجانب المؤيد للحكومة في فيتنام الجنوبية فكان يرى الصراع مجرد حرب أهلية، أو حرب دفاع ضد الشيوعية أو حرب للدفاع عن منازلهم وعائلاتهم.
أما الحكومة الأمريكية فتدخلت في الصراع من أجل منع استيلاء الشيوعييون على فيتنام الجنوبية. وكان هذا جزءًا من نظرية الدومينو للاحتواء، وكان الهدف المعلن هو وقف انتشار الشيوعية فترى أن تدخل القوات الامريكية كان هدفه إنهاء سلطة بعرض منع فرض سيطرة غير موجوده فكانت النتيجة موت أقل من ألف جندي عام 1959 إلى 16,000 جندي عام 1963 .
فيجب أن ترى وجهة نظر توماس هوبز القائل :"أن الإنسان ذائب لأخيه الإنسان "أي أن الإنسان شرير بطبعه فيطبق الحيلة والمكر من أجل فرض وجوده وسيطرته علي الغير بدافع رغبة السيطرة والهيمنة الممزوجه بالعنف .
من جانب النور يأتي التسامح ؛ فلا يمكن ذكر الأبيض بدون ذكر الأسود ولا يصح ذكر العلم بدون ذكر الجهل والعكس فهم يبصران بعضهما البعض ويمنح كل منهما الأخر معناه في الوجود .
فخير وصفٍ للتسامح ؛تسامح ورفق ولين وعطف رسول الله محمد صلي اللّٰه عليه وسلم ، تعرض للإهانه والتعذيب والشرك بربه ومازال يدعوهم بالرفق واللين كان يعطف علي الفقير والمحتاج والمسكين فكيف لي أن أذكر التسامح ولا أذكر محمداَ خير العباد وخير الخلق وخير والمرسلين محمد صلي اللّٰه عليه وسلم لايكفيه الكلام ، والوصف يقف عاجزاً عن وصفك يا محمدُ ، أُخرج من أهله وعُذب من المشركين ولكن هيهات بين رحمة في قلوب العباد ورحمة في قلب الرسول والرفق فيه ، خير من وصانا بالفقير والمحتاج والأرمله والمسكين وعابر السبيل فجمال اللفظ لايكفيك أبدا .
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار".
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيش الرفق ويتمثل به في سائر أحواله وشئون حياته، كما قالت عائشة رضي الله عنها: "ما خُيِّر رسول الله بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه"
ومن مواقف السماحة والعفو في حياته "صلى الله عليه وسلم" حينما همَّ أعرابي بقتله حين رآه نائمًا تحت ظل شجرة، وقد علَّق سيفه عليها.
فعن جابر رضي الله عنه قال: "كنا مع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بذات الرقاع (إحدى غزوات الرسول)، ونزل رسول الله "صلى الله عليه وسلم" تحت شجرة فعلَّق بها سيفه.
فجاء رجل من المشركين، وسيف رسول الله "صلى الله عليه وسلم" معلَّق بالشجرة فأخذه، فقال الأعرابي: تخافني؟ قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": لا، فقال الأعرابي: فمَن يمنعك مني؟ قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": الله، فسقط السيف من يد الأعرابي، فأخذ رسول الله "صلى الله عليه وسلم" السيف فقال للأعرابي: مَن يمنعك مني؟ فقال الأعرابي: كن خير آخذ. فقال "صلى الله عليه وسلم": تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قال: لا، ولكني أُعاهدك ألا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم" سبيله، فأتى أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس" [صححه ابن حبان].
مهما تحدثوا ومهما قالوا ومدحوا في شخص الرسول الكريم فإنهم لن يعطوه حقه من التقدير والتعظيم ، فهذا هو محمد سيد الخلق أجمعين الذي قال له رب الكون كله(( أنك لعلى خلق عظيم))
وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ خُلِقتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيبٍ كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ
للتعليق