أحمد عوض يكتب : جزيرة عدل
جزيره ذات أشجار عاليه تكاد لا تراها من كثافة أوراق هذه الأشجار، يُزين أرضها بقايا الزهور المتساقطه من فروعها وكل زهره تمتلك لون مختلف يميز جمالها، يسير فيها فرع نهر صغير ترى قاعه من كثرة صفاء ماءه، وكأنه نهر من الذهب عندما يسقط عليه شعاع الشمس الساطع، موقعها في وسط النهر في أبعد مكان في الهند .
وكان يسكنها أُناس يغلب عليهم الطيبه لا يعرفون شئ غير العمل حتي يستطيعوا الحصول علي قوت عيشهم، يتزعمهم رجل غليظ القلب، عديم الرحمه، يبلغ طوله مترين، يكسو جسده الشعر الكثيف، يتكئ على عصاة طويلة تنتهي من أعلاها علي شكل رأس "نمر"، ويرتدي في عنقه "قلاده" بها أسنان لكل ذئب انتصر عليه، يُدعي "خَرزان"، ويمتلك جنود كثيره،كان عملهم أخذ نصف الأجر من الناس بغرض حمايتهم، واغتصاب النساء وقتل الأطفال والرجال.
وبعد كثرة ظلمه لهم أراد الناس أن يتخلصون من هذا اللص وعصابته، وبدأوا يفكرون في كيفية التخلص منه واستمر تفكيرهم أيام بل شهور حتي شعروا باليأس، وفي يوم ذهبوا كعادتهم الى عملهم وجدوا شاب قوي مفتول العضلات يبدو عليه التعب يكاد أن يقتله الجوع والعطش فأسرع عليه رجل كبير السن يُدعي "عقيله" وأخذه الرجل وأجلسه تحت إحدى أشجار الجزيره و أخذ في إعطاءه الماء كي يروي عطشه وقال له :ما اسمك؟، ومن اين اتيت؟، نظر له الشاب وهو لا يستطيع الكلام :انا اسمي "عدل"، وقد اتيت من بلاد بعيده في أقصى النهر، وأخذه الرجل حتي أسكنه في بيته حتي يأخذ قسط من النوم، ثم ذهب الرجل الي عمله وعندما عاد كان قد أستيقظ "عدل" وقد جلس معه الرجل وبدأ يحكي له كل شئ يحدث في الجزيره .
ثم نظر "عدل" له قائلا: اتركوا الأمر لي فإني اتيت من أجل هذا الرجل فقط، حتي تعجب "عقيله":
وكيف عرفت به حتي تأتي من أجله؟، نظر له "عدل" وابتسم ثم قال له: غدا باكراً وقبل شروق الشمس أجمع ماتستطيع أن تجمعه من رجال الجزيره الذين يعرفون بأن لهم بأس شديد، ويعرفون إستخدام السلاح .
وفي الصباح الباكر جاء شباب الجزيره كي يستمعون ما سيقول هذا الرجل الغريب عن البلده، وقام "عدل" و وقف على أعلي منطقه حتي يستطيع أن يرا وينظر في عين كل واحد منهم وقال لهم:
"هل أنتم اليوم أحياء ام أموات ؟، لوكنتم أموات فلا رحمة ولا حُزن عليكم وليس لكم الحق في أن تغيروا علي زوجاتكم ولا أولادكم ولا أبويكم، وانما إن كنتم أحياء وترضوا بما أنتم عليه فالموت أشرف لكم لأن الرجل الحقيقي هو الذي لاتحني رأسه رياح عاصفة ولا يكسر عينيه شعاع شمس ساطع، وأعلمو أن الأرض حقُاً لمن عمرها وليس لمن أفسدها، وأنها لا تقبل بتركها في يد ظالم وأهون عليها أن تنشق وتبلعه خير من أن يستفاد منها ثم يتركها ويفرط فيها لأي معتدي، وأن الحق لكي يُرَد يحتاج الي قوة و عزة وكرامة ومن ينال منه الخوف لايستحق العيش فيها، فقط... عيشوا رجالاً ليس قطيع من الماشيه".
فنظر له الشباب وهم مليئون بغيرتهم وحماسهم وماذا تُريد منا أن نفعل ؟، وهم كُثر ويمتلكون أسلحه قويه، قال لهم: لو تُريدون أن تكونوا رجالً لاتهابو قوة ظالم لأنه مهما كثرت قوته لايستطيع مقاومة قوة مظلوم أراد أخذ حقه، وبالفعل قاموا شباب ورجال الجزيره وإتحدو علي أن تكون لهم عزه وكرامه وبدأوا سريعا في عمليات التدريب علي القتال بمساعدة هذا الشاب العادل القوي "عدل" حتي تمكنوا من كيفية القتال واستخدام السلاح.
في يوم كانت سمائه صافيه والقمر ساطع في سمائه وخرزان ورجاله نائمون، انقض عليه "عدل"ورجاله حتي قتلوهم جميعا وإنتصر الحق علي الباطل و ارتفعت أصوات الفرح في ارجاء الجزيره و قالوا سكانها "لعدل" سوف تكون أنت زعيمنا من الآن، ولكنه قال لهم: أنتم لستم بحاجة لزعيم عليكم أعدلو فيما بينكم ولا يأكل القوي حق الضعيف منكم وأنني ليس بساحر قد فعلت شيئاً صعب ولكنكم أنتم الذين فعلتو هذا بقوتكم وعزيمتكم ومن يمتلك هذاين الخصلتين لايحتاج ولا يقبل لمن يقوده وأنني لم أستمر معكم ولكنني سوف أرحل الي بلادي من الغد وأنتم الآن ملوك لهذه الجزيره، وصاحت الناس كلهم كيف تتركنا ونحن أهلك؟ ولكنه أصر علي الرحيل وقامت أهل الجزيره بتسمية هذه الجزيره بأسمه تخليداً لذكري هذا البطل الأبي، وأصبحت الجزيره ملك لمن عمرها وليس لمن أفسدها وأثار فيها الظلم والإضطهاد، وأن ليس من حق نفس أن تغير علي نفس أُختها ولو نظر كل إنسان لنفسه سوف يرى أن للقوة وقت وتذهب وبعدها سوف ينتظر نتائج أعماله في من يعينه ومن يقويه فاعمل دائماً ليوم سوف تذهب فيه قوتك وسلطانك ويبقي لك عدلك ورحمتك وليس جبروتك و طغيانك.
للتعليق