هشلم سليم يكتب الحرب الباردة "جزء أول "
من فترة منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات بدأتُ حرب تُثير الريبة الشديدة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وحلفائهم وكان إلا مصطلح لوصف حالة القلق والتوتر الحاصل بين الجانبين على كلا الطرفين ،فمنذ ظهور السلاح النووي بدأتُ حرب التسلح بين الدول العظمة خوفاً على سيطرتها أن تتزعزع بين الدول وخاصة أن الولايات المتحدة تسعي إلي إزدهار الإقتصاد .
ظهر أول سلاح نووي في عام ١٩٤٥ فى السادس عشرة من يوليو حيث تم اختبار أول سلاح نووي فى منطقة تدعى صحراء ألاموغوردو الواقعة في ولاية نيو مكسيكو في الولايات المتحدة، وسميت القنبلة باسم القنبلة (أ) وكانت النتائج مذهلة فهي تعادل ملايين الأطنان من المتفجرات TNT وتأثيرها شديد للغاية وكانت بداية حرب التسلح بين الدول فقد اقتصر الأمر بحد ذاته على الدول الإستعمارية فقط لكونها صاحب السلطة العظمة وصاحب القرار الأول والأخير .
الولد الصغير هو الاسم الكودي الذي أطلق على أول قنبلة ذرية ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية في (٦) أغسطس (١٩٤٥م) من قاذفة القنابل (بي-٢٩) "إينولا جاى" والتي كان يقودها الكولينيل بول تيبيتس من السرب( ٣٩٣) من القوات الجوية الأمريكية. وتعتبر هذه القنبلة هي أول سلاح نووي يتم استخدامه وبعدها بثلاثة أيام تم إلقاء القنبلة الثانية "الرجل البدين " على مدينة ناجازاكي.
اُستُعمِلَت القنبلة الذرية مرتين في تاريخ الحروب؛ وكانتا كلتاهما أثناء الحرب العالمية الثانية عندما قامت الولايات المتحدة بإسقاط قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان في أواخر أيام الحرب، أوقعت الهجمة النووية على اليابان أكثر من ١٢٠٠٠٠ شخص معظمهم من المدنيين وذلك في نفس اللحظة، كما أدت إلى مقتل ما يزيد عن ضعفي هذا الرقم في السنوات اللاحقة نتيجة التسمم الإشعاعي أو ما يعرف بمتلازمة الإشعاع الحادة، انتقدت الكثير من الدول الهجوم النووي على هيروشيما وناجازاكي إلا أن الولايات المتحدة زعمت أنها أفضل طريقة لتجنب أعداد أكبر من القتلى إن استمرت الحرب العالمية الثانية فترة أطول.
دخلت الولايات المتحدة بعدها حالة من التوتر في كيفية تفسير إستخدام الأسلحة النووية وتوضيح ضرورة إلقاء القنبلة ، وبعد ستة أيام من تفجير القنبلة على ناغازاكي، في الخامس عشر من أغسطس، أعلنت اليابان استسلامها لقوات الحلفاء بعد ضغط الولايات المتحدة عليها بتوضيح ضرورة إلقاء القنبلة وبذلك يحتفظ الامبراطور بسلطته علي البلاد ؛ حيث وقعت وثيقة الاستسلام في الثاني من شهر سبتمبر، مما أنهى الحرب في المحيط الهادئ رسمياً، ومن ثم نهاية الحرب العالمية الثانية. كما وقعت ألمانيا وثيقة الاستسلام في السابع من مايو، مما أنهى الحرب في أوروبا. وجعلت التفجيرات اليابان تعتمد المباديء الثلاثة غير النووية بعد الحرب، والتي تمنع الأمة من التسلح النووي.
ومن ثَمَ بدأت الحرب الباردة بين الدول من خلال وكالات معنية ومليشيات والتي تسير بدورها من خلال مستخدمي أسلحة من صُنعهم ففي عام 1949م اختبر الإتحاد السوفياتي القنبلة الذرية الأولى، مما أدى إلى بدء سباق التسلح النووي بين الطرفين، وفي عام 1953م أصبحت القوتان تختبران القنابل الهيدروجينية وتتنافسان في عمليتي البحث والإنتاج، وظهرت نظرية التدمير المتبادل المؤكّد (بالإنجليزي: Mutually Assured Destruction MAD) ,التي تنص على أنه لن يتم إطلاق الأسلحة النووية من جانب مالم تطلق من الجانب الآخر، وأصبحت الأسلحة النووية رادعاً وليس سلاحاً يستخدم في الحرب، وقد هدف الرئيس الأمريكي ترومان إلى ترهيب الإتحاد السوفياتي من الامتثال لأوروبا الشرقية، إلّا أن ردة فعل جوزيف ستالين كانت الغضب بدلاً من الخوف، الأمر الذي دفع إلى متابعة سباق .
من بين هذا التوتر ظهرت الإختلافات والإنقسامات الأيديولوجية ظهور الشيوعية، فقد ظهرت الدولة الشيوعية في روسيا بعد الثورة البلشفية عام 1917م والتي حلت مكان الحكومة الروسية المؤقتة، وقد عمل البلاشفة على سحب روسيا من الحرب وترك بريطانيا وفرنسا للمحاربة وحدهما في الحرب العالمية الأولى، كما ظهرت الرأسمالية مقابل الشيوعية، ولم تتوافق الأنظمة الرأسمالية في الولايات المتحدة الأمريكية مع الأنظمة الشيوعية في الاتحاد السوفياتي، حيث إن الحكومة في النظام الرأسمالي ديمقراطية كما أن الاقتصاد غير مسيطر عليه من قبل الدولة، في حين أن الحزب الشيوعي يقود الدولة ويركز السلطة والاقتصاد في أيدي الحكومة، وقد هدف الجانبان إلى تفوق كل منهما على الآخر لتحقيق مكاسبه الخاصة.
وازدادت درجة الشك وانعدام الثقة بين القوتين العظميين، عندما غضب ستالين من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بسبب التأخر في فتح الجبهة الثانية على ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي منح الفرصة لهلتر بتوطيد قواته ضد السوفيات، وقد شك ستالين في أن الولايات المتحدة وبريطانيا قد تأخرتا لترك السوفيات والألمان يتقاتلان مع بعضهما وبالتالي إضعاف الدولتين، الأمر الذي دفع ستالين إلى أن يبحث عن المزيد من الأمن لبلده وعقد النية على إنشاء منطقة عازلة جغرافية لدول أوروبا الشرقية الصديقة، ولحمايتها من العدوان الغربي المستقبلي، وقد عارضت الولايات المتحدة الأمريكية ذلك الأمر لأنها كانت تنوي إنشاء دولة قوية ديمقراطية، وقد أثارت الاختلافات الأيدويولوجية بين الطرفين العديد من الخلافات، وقررت الولايات المتحدة الأمريكية أن تتبع سياسة الاحتواء والتي كان من أهم بنودها أنه إن لم يمكن القضاء على الشيوعية فلا بد من وقف انتشارها .
وقد اتهم الرئيس الامريكي ترومان الاتحاد السوفياتي بأنه القوة المحرضة على النظام الديكتاتوري في العالم كما أن السوفيات هم أساس خنق الاقتصاد العالمي، وكتنفيذ لسياسية الإحتواء ومحاربة السوفيات قدمت الولايات المتحدة الأمريكية المعونات الاقتصادية من أموال، ومواد بناء، وخبرات لمعظم دول أوروبا التي كانت تخشى عليها من الخطر الشيوعي السوفياتي وكانت وجهة نظرهم أنه ما دام البلد مزدهر فلا خوف عليه من سيطرة الشيوعية، وقد ظهرت الانقسامات الناتجة من اختلاف الأيديولوجيا بشكل جلي من خلال إنشاء حلف الناتو في عام 1949م لمواجهة الخطر الشيوعي، كما تم تأسيس ميثاق وارسو في عام 1955م من قِبَل ستالين لمواجهة التحالف العدائي على السوفيات......
للتعليق