محمد عبدالجيد يكتب: "شرعنة العلاقات الخليجية الإسرائيلية مرورا بالتطبيع وصولا إلى صفقة القرن".
يبدو أن مخطط ترامب للتقارب والتطبيع الإسرائيلي الخليجي يسير في مساره بدون أي معوقات؛ إذ ساهم الفزع المتزايد لدول الخليج من إيران إلى حد كبير في التحول التدريجي في العلاقات مع إسرائيل، وصولاً للتطبيع الكامل بإعلان إسرائيل عن إتفاق للتطبيع مع الإمارات الخميس الماضي يتضمن تعليق خطط إسرائيل لضم قطاعات من الضفة الغربية، وتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بالاستثمار والسياحة والرحلات المباشرة والأمن والإتصالات والتكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية والثقافة والبيئة، إضافة إلى إنشاء سفارات متبادلة.
قد تكون المخاوف الإماراتية من المد الأيراني في الخليج العربي مشروعة، إذ تعمل طهران منذ سنوات لنشر الفتنة وزعزعة الأمن العربي من خلال نشر الحرث الثوري الإيراني، لتسليح وتقديم المشورة والدعم للحركات المتحالفة معه والفصائل المسلحة إلا أن مواجهة هذا المد الصفوي لا تكون أبدا بالتفريط في الحق الفلسطيني والعربي وبإتفاق مخزي للقومية العريية، إذ أن مطامع بني صهيون لم تكن وليدة اليوم وقد شكلت الحكومات العربية أكثر من مرة تحالفات عربية بخطط ناجحة ساهمت بشكل كبير في ردع مطامع نظام الملالي الإيراني في الخليج، ومحاولاته المستمرة لزعزعة أمن واستقرار المنطقة وفرض هيمنته على الخليج العربي.
لكن إتفاق الخميس الماضي يعد حلقة جديدة من سلسلة التنازلات بلا مقابل التي يقودها ترامب ويهرول إليه حكام الخليج، وتنكّر جديد لحقوق شعب فلسطين التاريخية في أرضه ووطنه، وإعطاء شرعية زائفة لوجود الإحتلال وجرائمه على أرض فلسطين العربية؛ إذ أن تعليق ضم أجزاء من الضفة الغربية هو تعليق مؤقت ومسكن ليخفف من حدة الغضب المتنامي ويخفض من وتيرة الإنفعال الشعبي من التطبيع الخليجي الإسرائيلي، فلا تزال خطط الضم مطروحة ولا يوجد تغيير في خطة نتنياهو بفرض سيادته على يهودا والسامرة (الضفة الغربية) بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، إذ أعلن بالأمس إلتزامه الكامل بهذه الخطة.
والحقيقة أن مخاوف عديدة تعتريني من تفريط يتلو تفريط إلى أن يتبدل الحق بالباطل وصولاً إلى صفقة القرن التي تتضمن إستمرار السيطرة الإسرائيلية على معظم الضفة الغربية، التي احتلتها إسرائيل في عام 1967، وضم الكتل الاستيطانية الضخمة فيها إلى دولة إسرائيل، وبقاء مدينة القدس موحدة وتحت السيادة الإسرائيلية، وهي خطة صهيوأمريكية تتبنى كل الاحلام الصهيونية في فلسطين العربية وبأستعراض سافر للقوة وتصفية تامة للقضية الفلسطينية.
فمن المؤسف أن يصبح التخلي عن القضايا القومية العربية مشهداً يومياً نراه ونحن في بيوتنا ونسمع تبجحه بيننا متحدياً مشاعرنا، وعابثاً في أمننا في ظرف يعد مشدداً، فلابد من وقف هذا المسلسل من التفريط في الموقف الفلسطيني، وإضعاف للأوراق التي يمتلكها، وتقديم تنازلات مجانية على حساب الحقوق الوطنية من شأنها إثارة حنق وغضب الشارع العربي فهناك من له أجندة يسعى بها لإشاعة الفوضى بإمكانه أن يستغل هذا الانفلات في المشاعر لتهييج الرأي العربي.
للتعليق