محمد عبدالجيد يكتب: الإصلاح السياسي المغيب بين "مقصلة" ضعف الأحزاب و"سندان" غياب البيئة المحفزة.
الإصلاح السياسي هو بداية الطريق بل أقصر الطرق للإصلاح الإقتصادي والإجتماعي، إذ أن الإصلاح السياسي يتجاوز كونه رغبة في أحزاب سياسية برامجية قوية، تعمل على تعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد والتنمية المستدامة، لكونه أداة ستجرف الإصلاح بأشكاله وعنواينه المتعددة لحياتنا اليومية.
والحقيقة أن الإصلاح السياسي أصبح ضرورة ملحة يفرضها التطور في نظم السياسة والإتصال ومتغيرات البيئة الاجتماعية سريعة التعقيد فما عاد يجدي نفعاً الخطاب التقليدي لإختراق الوعي الجماهيري الذي تتبناه الأحزاب السياسية المصرية مما أدى إلى فكرة نمطية ونزوع لدى الشارع والشباب إلى تبخيس كل ما يصدر عن النخب من خطاب أو مبادرات حيث لا ترى في ذلك غير محاولات للإحتيال والظفر بمقعد نيابي أو منصب أو مصلحة فئوية ضيقة.
منذ عقدين تقريباً تتجدد الدعوات بين الفينة والفينة للإصلاح السياسي، وقد تطرق الرئيس في أكثر من خطاب إليه منبهاً على أهميته وضرورة تسريع وتيرتهُ والعمل على تذليل العقبات والعراقيل التي تواجه مساره، ولكن ثَمة تساؤلات في هذا المجال، هل البيئة السياسية المصرية تسمح بإصلاح سياسي حقيقي؟ وهل الدولة المصرية جادة في مسارها نحو الإصلاح السياسي؟ وهل الأحزاب السياسية بكوادرها الحالية قادرة على قيادة هذا المسار؟.
أنا أول المتفقين إن الأزمات هي أنسب نقطة لإنطلاقة قوية بإتجاه للإصلاح السياسي وأزمة جائحة كورونا هي شاهد قريب على كلامي إذ أن عجز التنظيمات السياسية عن مواكبة ما سطره الشباب ومنظمات المجتمع المدني من ملحمة في بلورة وخلق تنظيمات قادرة على الوقوف بجانب الدولة إبان الأزمات التي تستعصي على الدولة أن تواجهها بمفردها كان يستلزم لوحة تشكيلات سياسية مختلفة تعطي مساحة أكبر للشباب والمستقلين وتعزز من دعوات الإصلاح السياسي، بل إن دعم الرئيس لهذا المسار الإصلاحي كان سيعزز من مناسبة البيئة ومن قاعدة المشاركة وشرعية الإصلاحات واتساع دائرتها.
ولكن بالنظر إلى جدية مؤسسات الدولة في هذا المسار؛ نجد هوة عميقة لما يدعوا إليه الرئيس وما تتبناه مؤسسات الدولة من إجراء إنتخابات صورية وتشريعات قوانين للمجالس النيابية تعطي فرصاً رحبة لأصحاب المكانة المالية الذين لايضنون بأموالهم من أجل صيانة مصالحهم متعددة العناوين و فرصًا أكبر للأحزاب السياسية بضعفها البرامجي والبنيوي، فما كان هذا إلا إصلاح مبتور بلا جدوى أو مضمون، يعمق من أزمة عزوف الشباب عن العمل السياسي .
والشق الأخير في مقالي هذا هل الاح٦زاب السياسية المصرية قادرة على قيادة مسار الإصلاح السياسي
والإجابة: انه لا إصلاح سياسي حقيقي في وجود أحزاب ضعيفة برامجيًا وبنياوياً، لا تأثير لها ولا قيمة!
وإذا أردت أن تتأكد من تأثير الأحزاب السياسية في أي منطقة في العاالم اسأل السؤال التالي:
هل تكون الكتل البرلمانية الحكومة؟؟ أم تكون الحكومة الكتل البرلمانية؟؟
لا خلاف طبعاً ف مصر ع إجابة السؤال.
ناهيك عن ضعف الأحزاب وكوادرها بل تحولت الأحزاب إلى جزء من صراع سلطوي داخل إطار حزبي بمسمى الديمقراطية مما أضعف هذا الصراع التجربة الحزبية وأثر سلباً على سمعة وأداة الأحزاب التي فقدت جمهورها ومؤيديها ، وبالتالي أصيبت بالضعف والوهن،وإن كان عزاء الاحزاب السياسية ان المناخ العام لا يسمح والممارسة السياسية أصبحت مقيدة؛ فالحقيقة أن هذا المناخ الملوث من صنع أيديكم في ظل غياب معالم المنهج السياسي الراكز والايدلوجيات المفعمة بالعمل الجماعي الجاد لتحقيق الأمن والرفاهيه للمواطنين.
العمل الحزبي بحاجة إلى رموز وأفكار جديدة وايدولوجية حقيقية ودماء شابة ترفد مسيرة الحزب وما دون ذلك لاوجود لحزب ايدلوجي فاعل وحيقيقي على الساحة.
نتمنى أن نرىٰ في مصرنا إصلاح حقيقي وإمتخابات دورية ليس صورية ينتج عنها تعددية سياسية، تقر بمنظومة الحقوق السياسية لكل المواطنين من دون تمايز، والإعتماد على المعايير الموضوعية والعقلانية في التعيين، وليس على أساس الولاءات والإعتبارات الشخصية، والتركيز على البنية المؤسساتية المنفصلة عن البنية الشخصانية لمن يقوم عليها.
للتعليق