أحدث المقالات

هشام سليم يكتب : الحرب الباردة " الجزء الثاني "

 هشام سليم يكتب : الحرب الباردة " الجزء الثاني "

هشام سليم يكتب : الحرب الباردة " الجزء الثاني "

....عندما انتهت الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥ م تم تقسيم ألمانيا إلى أربعة أقسام بين الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، والاتحاد السوفياتي، وقد كان من المقرر أن تدير كل دولة من الحلفاء المنطقة الخاصة بها، و أراد ستالين أن يضعف اقتصاد ألمانيا لضمان عدم قدرتها على النهوض مرة أخرى كما طالب بتعويضات مادية عن خسائر الحرب التي تسببت بها، إلّا أن الحلفاء الغربيون أرادوا أن تكون ألمانيا قوية بما فيه الكفاية لتساهم في التجارة العالمية، فقد بقيت المناطق البريطانية والفرنسية والأمريكية حرة في التجارة، لكن ستالين رفض التجارة مع المناطق الأخرى في القسم الخاص به، كما أنه صادر العديد من المنتجات، والمواد الخام اللازمة لإعادة الإعمار واستعملها لصالح الاتحاد السوفياتي، وفي عام ١٩٤٧م تم إنشاء عملة جديدة لتوحيد الاقتصاد البريطاني والأمريكي ولتعزيز الاقتصاد في المناطق الألمانية التابعة لهما، أما ستالين فقد خشي أن تنتشر العملة في منطقته وتضعف إرادته في إضعاف الاقتصاد الألماني مما أدى به إلى إنشاء العملة الألمانية الشرقية الجديدة الخاصة بقطاعه فمن هنا ظهرت نواياه التي كانت واضحة لتمييز قطاعه .


وقام ستالين في عام ١٩٤٨م بحصار مدينة برلين وقطع جميع الطرق المؤدية إليها ومنع الحلفاء الغربيين من الوصول إليها براً، وكان يهدف إلى إجبارهم على التنازل عنها، كما كان يخاف من قيام قوة اقتصادية عالمية بالاتحاد مع ألمانيا، إلّا أن الحكومات الأمريكية والبريطانية كانت تنقل المعونات إلى المدينة جواً من خلال الطائرات لتمد الناس بالوقود والغذاء، واستمر الأمر على هذا الحال لمدة ١١ شهراً، وبعد ٣٢٢يوماً رفع ستالين الحصار عن برلين، إلّا أن هذا الأمر زاد من التوتر بين القوتين والذي كان من أسباب الحرب الباردة .


بدأت الأزمة الكورية في عام ١٩٤٩م عندما توسع الشيوعيون في الشرق الأقصى لينتهي الأمر بتوليهم للسطلة في الصين، وفي عام ١٩٥٠م غزا كيم كوريا الشمالية بدعم من الصين وروسيا، ورأت الولايات المتحدة الأمريكية بوصاية من مجلس الأمن القومي الأمريكي أنه يجب إيقاف سياسة الاحتواء والبدء في ردع الشيوعية فوفقاً لنظرية الدومينو إن سقطت أي دولة تحت حكم الشيوعية فستتبعها الدول الأخرى عاجلاً أم آجلاً، وعندما تمت هزيمة كوريا الشمالية بسهولة من قبل الصينين وسيطر الكونغو على كوريا الجنوبية حصلت الولايات المتحدة الأمريكية على دعم من هيئة الأمم المتحدة لاتخاذ الإجراء المناسب.


وبدأ العمل العسكري الحربي في الحرب الباردة في عام ١٩٥٠م حيث حاربت الولايات المتحدة الصين وهددت باستخدام القنبلة الذرية إن لم تتراجع الصين وتقبل بالسلام، وقد وصلت الحرب إلى طريق مسدود وانتهت في عام ١٩٥٣م، ولا تزال الأزمة الكورية تشكل مصدراً للتوتر إلى يومنا هذا.


وانتهت الحرب الباردة عندما تولى ريتشارد نيكسون منصبه وهو رئيس الولايات المتحدة السابع والثلاثين ونائب الرئيس الأمريكي السادس والثلاثين، حيث إنه انتهج أسلوباً جديداً لإدارة العلاقات الدولية من خلال استخدام الاسلوب الدبلوماسي بدلاً من العسكري، فعمل على تشجيع الأمم المتحدة للاعتراف بالحكومة الصينية الشيوعية، كما أقام علاقات دبلوماسية مع بكين، وبالنسبة للاتحاد السوفياتي فقد تبنى سياسة الاسترخاء معه، ففي عام ١٩٧٢م وقّع رئيس الوزراء السوفياتي ليونيد بريجنيف معاهدة تحد من استخدام الأسلحة الاستراتيجية، والتي تمنع أيضاً تصنيع الصواريخ النووية سواء من الجانب السوفياتي أو الأمريكي.


وكانت هذه المعاهدة بمثابة الخطوة التي تحد من التهديد بالحرب النووية، وبالرغم من ذلك قامت الحرب الباردة من جديد عندما استلم الرئيس رونالد ريغان الرئاسة، والذي اعتبر الوجود الشيوعي يشكل خطراً على الحرية، وظهر مبدأ ريغان الذي ينادي بالتمرد على الشيوعية ويقدم المساعدات المالية والعكسرية لمن يقاوم الخطر الشيوعي ، وعندما استلم غورباتشوف منصبه في عام ١٩٨٥م وهو آخر رئيس للاتحاد السوفياتي قبل انهياره، أعاد بناء العلاقات الروسية مع الدول الأخرى، وكانت سياسته قائمة على أمرين هما الانفتاح السياسي، والإصلاح الاقتصادي، وفي عام ١٩٨٩م ومع تراجع الاتحاد السوفياتي في أوروبا الشرقية عمدت الدول الشيوعية إلى إحلال حكوماتها وتغييرها إلى حكومات غير شيوعية، كما تم تدمير جدار برلين وهو الركن الأساسي والعامل الأهم في الحرب الباردة، وبحلول عام ١٩٩١م كانت الحرب الباردة قد انتهت تماماً.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -