محمد عبدالجيد يكتب: " ديكورات حزبية" توريث كوتة المرأة والشباب.
المعمول به في العالم كله والطبيعي هو أن الاحزاب السياسية تتمايز ببنيتها من الفئات الأقل حظاً في التمثيل النيابي خاصةً المرأة والشباب، ثم تبدأ تولي اهتماماً كبيراً بالبناء الطبيعي والتنشأة السياسية السليمة لتلك الفئات وإعدادهم وتجهيزهم في إطار استراتيجية واضحة لتأهيلهم للقيادة وإنشاء قاعدة سياسية قوية؛ تجسيدا لفكرة تجهيز البديل سياسيا.
هذه الفكرة إذا ما تم اسقاطها على الحياة الحزبية المصرية فنجد فرقا شاسعا وهوة عميقة، إذ أن محاولات الأحزاب المصرية أقتصرت على محاولات استقطاب الشباب والمرأة في خطاب تقليدي مهلهل ورث، لم يتمكن، إلى حد الساعة، من استيعاب جوهر رفض تلك الفئات للعمل الحزبي وعزوفهما عن العمل السياسي ودون أدنى أهتمام بصقل مهاراتهم القيادية وإعدادهم وتجهيزهم ليكونوا نواة لحياة حزبية جديدة وإصلاح سياسي حقيقي، فإن كانت ادوات الانجاز تتمثل في استقطاب فئات تعاني من ضيم التهميش النيابي، فإن الانجاز ذاته يتمثل في إعطاء فرصة حقيقة لتلك الفئات ليكونوا في صدارة العمل الحزبي والسياسي.
مؤخراً، وجدنا تحايُـل كبير للسيطرة على كوتة المرأة والشباب في البرلمان، إذ اصبحت كوتة المرأة والشباب للتوريث والمحسوبية وفقط، إذ وُضعت في خزينة رجال الأعمال وكبار المسؤولين لتمكين نسائهم المدجّـنات وابنائهم المترفون من دُخول البرلمان، فالهدف هو توريث الصّوت والمقعد، وليست الكفاءة والقدرة ولا التّـمكين والدعم، والحقيقة أن فتح البرلمان أمام شباب ونساء ليس لديهم ما يقدموه تشريعيا أو رقابيا سيزيد من عزوف وتخلف وبلادة تلك الفئات سياسياً في المستقبل.
والحقيقة إن عملية التمثيل النيابي ليست قضية عددية، يحكمها زيادة عدد النواب من الشباب والمرأة، في عملية لا تحكمها الكفاءة والقدرة على تفعيل الادوات النيابية في تمكين صوري يزيد من حدة المشكلة وابتعاد الشباب والمرأة عن العمل السياسي؛ نظرا لأن أماكنهم ومقاعدهم بيتم توريثها وحجزها مسبقا، ولكنها عملية كيفية ومسؤولية كبيرة تتعلق بصناعة الامل نحو تمكين الشباب ودورهم في فتح الأبواب الموصدة فى وجوههم، والثقة فى قدراتهم والاطمئنان إلى فهمهم للواقع وطموحهم المشروع والرشيد إلى أن يحققوا الإنجازات لوطنهم.
جيل الشباب اليوم أكثر تعليماً ونشاطاً وارتباطاً بالعالم الخارجي، مما ينعكس على مستوى وعيهم وتطلعهم نحو مستقبل افضل، إلا أن هذا الوعي يصطدم بواقع يهمشهم ويسد في أوجههم قنوات التعبير عن الرأي، مما قد يدفعهم من طاقة كبيرة للبناء لقوة كاسحة للهدم، علي الاحزاب السياسية اظهار حسن نواياها في تمكين الشباب والمرأة بداية من إنشاء مراكز ثقافية وبيوت خبرة سياسية تساعد على إعداد قيادات شبابية وصولاً لاستراتيجية واضحة لإشراك الشباب وتمكينهم سياسيا.
اذكر هنا مثل امريكي يقول "أن الناس لا تهتم بالرصاصة التي في المسدس" .. بمعني أن الناس لا تهتم بالمشكلة الا بعد أن تنطلق الرصاصة رغم علمهم انها قد تنطلق من المسدس في أي لحظة دون ان تعلم اين ومتى ستصيبك.
للتعليق