شمس جمال تكتب: كلماتً ذَات حوافً حادة
لغات العالم متعددة؛ لكل لغة كلماتها الخاصة، كل كلمة ما هي إلا مجموعة من الحروف المرتبة بجوار بعضها البعض لتعطي لك معنى تستطيع فهمه و تفسيره. إذن هناك كلمات تعطي لك معنى الفرح و كلمات تعطي لك معنى الحزن و أخرى معنى التفاؤل و أخرى معنى التشاؤم وهكذا. و هذا هو المعروف عن أي لغة و ما تحتويه من كلمات، و لكن للأسف هناك كلمات قادرة على إذاء المشاعر و ترك أثر سيء في النفس، أثر موجع لا ينسى؛ أي هناك كلمات ذات حواف حادة. تظهر كأنها كلمة و لكنها قادرة على سلب النفس ثقتها أو جعلها تعيش في حالة نفسية مؤلمة قد تستمر سنوات.
من منا لم يجرب شعور الفرح كأنه محلق في السماء نتيجة أن أحدهم قال له وجهة نظرك في هذا الأمر رائعة استمر؟ أو رأى الأمل يتجدد ثانية عندما قال له أحدهم أنه مختلف عن أقرانه و من الممكن أن يفعل ما لم يفعله من قبل، قد يكون هذا الشخص صاحب امكانيات ليست عالية كما قيل و لكن الكلمة قادرة على تخليق شخص صاحب أمل قادر على مواجهة الحياة وتطوير إمكانياته. من ناحية أخرى هناك شخص طموح صاحب أمل يرغب أن يستغل إمكانياته و يتطورها لتحقيق النجاح و خدمة المجتمع، و لكن دائما ما يسمع من محيطة كلمات مثل "كان غيرك أشطر" " يا عم أنت و لا حاجه" " البتحلم بيه دا مش قدك" "إنت فاشل" " دكتوراه إيه الهتحضرها روح اشتغل علي توك توك هاتلك فلوس علشان تتجوز" و غيرها من الكلمات المؤلمة المثبطة، أعلم أن لابد للشخص أن يغلق أذنه ويسير في طريقه طالما لديه حلم يرغب في تحقيقه ولكن لماذا ننظر إلى هذا و لا ننظر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "فلتقل خيرا أو لتصمت". ما الفائدة التى ستنالها عندما تخبر فتاة أن ملامح وجهها قبيحة أو أن لن يرغب أحد فى خطبتها لأنها ثمينة بعض الشيء، من أخبرك هذا فملامح الوجه التي لا تعجبك هى صنع الله و الشخص الذى يرغب في خطبتها لم يستشير جنابك علي رأيك في جسد الفتاة التي سيتقد لها؛ إذن رأيك دعه لنفسك يا عزيزي.
صاحب الكلمة القاسية لا يحبه أحد و لا يرغب أحد في مجالسته و ينفر الجميع من الحديث معه مهما بلغت العلاقة حتى إن كانت علاقة دم. و كما قال الله تعالى " وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ". كلمتك القاسية قد تسبب جرح فى قلب أحدهم يظل مصاحبه طوال عمرة أو يعيش معاناه كبيرة حتى يستطيع التخلص من أثار كلمتك له. و ليس هنالك داعى ولا مبرر لقولك هذا مهما كنت فأمرنا الله جميعا أن نحسن القول.
يؤكد علماء التربية هذا بقولهم أن الكلمات التي يسمعها الطفل أثناء فترة طفولة تؤثر علي باقي فترات حياته. فمن المؤكد أن هناك فرق بين طفل في الثالثة من عمرة كسر كوب زجاجي أخبرته أمه بأسلوبها اللين أن يحترس بعد ذلك و طفل أخر في نفس العمر فعل نفس الشيء و لكنه سمع من كلمات الإهانة أبشعها. الأم الأولى استطاعت أن تنشئ طفل محب لبيته و يرغب في المحافظه على جميع أجزائه و يحب أمه ولم يخاف مهما فعل أن يخبرها لأنه رأى فيها مصحح لأخطائه ولكن الثانية أنشأت طفل يخاف أن يخطئ لأنه سيتم توبيخه و إهانته و هذا قد يسبب داخله أحد أنواع الكره خصوصا إذا رأى غيره فعل نفس الفعل لكن اختلفت الكلمات الموجهه له.
ما أجمل أن تخبر ابنك أنه بحاجة إلى بذل مجهود أكثر في مذاكرته بدلا من أن تقارنه بابن أخيك أو توبخه أنه سيظل فاشل ولا أمل منه. و ما أجمل ان تخبر ابنتك أنها جميلة الروح و الملامح و لكنها بحاجة إلى أن تفقد بعض الوزن بدلا من أن توبخها أنها بدينة و شكلها غير محبب للعين، بفعلتك هذه أنت تسلب أطفالك ثقتهم بنفسهم و سيعانون كثيرا إذا استطاعوا استعادتها أو حتى بنائها من جديد.
ينظر البعض إلى الكلمات الحادة كالطعنة التى تصيب القلب و تجعل العين تدمع داخليا. أي أن الدموع تزرف فتلمس القلب و ليس الخد. كما أن كثرة تعرض الشخص للكلمات القاسية تجعلة متبلد الإحساس أو تجعله يكره الحديث مع الآخرين و يميل إلى الصمت. فكلمة واحدة تستطيع أن تشعر شخص بالخذلان و خيبة الأمل.
كلمة واحد تستطيع أن تبني علاقة كانت على وشك الانتهاء، و أخرى قادرة على أن تنهي علاقة وطيدة؛ و لأن كل كلمة لها أثرها على النفس علينا أن ننتقي الكلمة التي تخرج من أفواههنا قبل أن نقولها خصوصا عند انتهاء العلاقات؛ فعلينا أن لا ننسى الفضل بيننا كما أمرنا الله و نصحنا رسوله. فما أجمل أن نقول افترقنا لأن كلانا غير مناسب للأخر بدلا أن نعيب في الشخص الذي افترقنا عنه لأن من المؤكد أننا رأينا منه خيرا حتى لو لمرة واحدة.
اضمن مكانتك في الجنة بكلمتك الطيبة؛ فالكلمة الطيبة صدقة. وحين نتأمل وصف الله تعالى للكلمة نذوب في فرط الجمال فقال الله تعالى " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ " هذه الأيات لها سحرها في الجمال في توضيح أثر الكلمة و جمالها و أثرها في النفس.
انتق كلماتك لتكون ذا خلق حسن فموعدما عند الحوض يا رفاق.
للتعليق