فاطمه علاء تكتب : كي لا أنسى
رأيت عذابي فلم أبعد ناظري كي أتألم كثيرًا وأتذكر دائما ، لم أُرد أن أنسى كيف توجعت وبكيت وتفتت قلبي دون أن يشعر به أحد ، لم أرد أن أنسى من كان سببًا في هذا الألم وكيف أنه شاهده بدمٍ بارد وكأنني عدوه الأول في ساحة المعركة ، يصوّب جميع سهامه عليَّ ..
لم تدمع عيناي ولم أتحرك ولم أنطق بكلمة ، تسمَّرتُ مكاني من هول الصدمة ، كان قلبي ينزف وعقلي هاجمني بذكرياتٍ لم استطع التغلب عليها ، هُزمت من نفسي عندما ابتسمت لمَّا مرَّت ذكرياتُه أمام عيني وهو يغرزُ في قلبي سكينًا ، ابتسمت وهُزمت وانتصر كما كان ينتصر دائمًا ..
رأيت عذابي ولم اغمض عيني بل اقتربت لتوضح أمامي الصورة أكثر فأتألم أكثر ، رأيت شخصا آخر بنفس الملامح ونفس الابتسامة ، نسخةٌ عالية الجودة ، لم أستطع استيعاب هذا الأمر ، كيف يتغير البشر بهذه السرعة ، كيف يصبح الأمر كأنه لم يكن ..
في هذه اللحظه أردت أن أكون روبوت لا يشعر فقط ينفذ ما عليه القيام به وما هو صحيح ، تمنيت لو ابتعد وأنهار ، أردت أن أفرغ داخلي ، تمنيت لو أنسى ، ضعفت قدرتي على التحمل ولكنني أكملت ، كأنني انتقم من ذاتي لما ارتكبته من أخطاء في حقي ، حدَّثت نفسي وتشاجرت معها لأنها مغفلة ، حمقاء لا تفهم بالبشر ومازالت تفتخر بقراءتها لهم ..
شعرت داخلي يُهدم كناطحة سحاب بُنيت على أساسٍ مغشوش فانهارت فوق رؤوس سكانها ، أحيانًا يصبح استمرار الألم أكبر مُسكّن له ، تعتاد الأمر وكأنه حدث يومي لا هروب منه ، لا تنسى بل تعتاد.. وهذا أسوأ بكثير ، قررت أن أُشفى في قلب هذا الوجع وأجد من ألمي دواءًا ، قررت ألا أُهزم بعد الآن ، رأيت عذابي فلم أبتعد كي لا أنسى ..
للتعليق