أحدث المقالات

فاطمه علاء تكتب : في وَضَح النهار

 فاطمه علاء تكتب : في وَضَح النهار

فاطمه علاء تكتب : في وَضَح النهار


كلما حاولت الهروب لاحقتني ، وكلما قاومتها حاوطتني ، كأنني من أولئك الأسرى في الحروب ، لم تمر عليَّ لحظة إلا وفكرت بخطة كي أتحرر وأعود إلى أرضي، أحاول وأحاول ولا تنفع المحاولة ، وكل مرة تزداد صعوبة وقسوة ، التعايش ليس سهلًا أو بالأحرى ليس من شيمي انا ، هذا الهيكل الساكن أمامك يوجد بداخله نفسٌ رافضة للتقبل ، لا تقدر على تحمل الواقع ..


يشتُّ عقلي وانا أحاول استيعاب أن هذا الذي حدث وقد حدث بالفعل ، أثور كطير جامح قد كُبِّل بالقيود وكفرس أصيل لا يقبل بوضع اللجام حول رقبته ، أُسرت ولكن في بلادي وعلى أرضي ، تمكن منِّي شعور الوحدة وتمادى كثيرًا حتى أُصبت بداء الغربة ، أصبحت تواجهني في وضح النهار ولم تعد تقتصر على ساعات الليل فقط , هذا البناء بهذه الأعمدة كأنه داخلي ليس حولي ، هؤلاء البشر أصبحوا أيقونات للضغط والتوتر ، لم أعد أملك حتى زاوية الأمان الصغيرة التي لطالما كنت أسكن إليها من عبث الحياة وما بها، اختفى بريق عيني مثلما اختفى أصدقائي ، أريد الجري بعيدًا ولا اعرف إلى أين ..


فأنا فقط ابحث عن شئ ما يشبهني ويسمعني ويستطيع احتوائي وتهدئتي بكل ما أحمله من أثقال ، شخص ما يستطيع ترجمة أفكاري المبعثرة ، ومكان ما خالٍ من الضوضاء و خالٍ من الخوف ، أريد ذراعين أهرب إليهما كلما ضاقت بي الحياة ، الهروب إلى غرفتي والاختباء تحت غطائي لم يعد يُجدِ نفعًا ، لأنني وبعد أن أصبحت في عامي الاثنين والعشرين من العمر مازلت أخشى الظلام ، حتى وإن واجهته أمام الناس ، فهذا فقط كي لا يشعر أحد بضعفي أو يراني في حالةٍ لا يراها غيري .. كلٌّ منا لديه غربَتُه وأما عن غربتي فقد واجهتني في وضح النهار ..

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -