فاطمه علاء تكتب : فوبيا الفقد
عندما اقتربت والدتها من حافة سطوح المنزل الغير مُسوَّر ، أصيبت بنوبة هلع حيث جُنَّت نبضات قلبِها وأخذت يداها ترتجف وذُلَّ لسانُها بحيث لم تقدر على استجماع بضعة حروف لتقول لها ابتعدي فقط ..
لم يخطر على بالها سوى احتمال الفقد ، وعاشت به كأنه حدث فعلًا لمدة ثوانٍ معدودة ، في حين أن والدتها كانت تنظر للأسفل فقط لترى شيئًا ما وأنها ناضجة بما يكفي لتأخذ حذرها وتتوازن، تلك الثواني تحدث في كل مرة تشعر بها أنها ستفقد أحد أو حتى شيئًا ما موصول بروحها وذاكرتها ، فوبيا الفقد التي تدفعها للابتعاد عن كل ماهو جديد -خوفًا من فقده لاحقا- ..
لم ترضى أبدًا بحقيقة أن الأمور التي تبدأ لابد وأن تنتهي ، حقيقة أن كل شئ في هذه الحياة مؤقت حتى الحياة نفسها ستنتهي وكأنها لم تكن أبدًا ، لا تريد الخضوع لحقيقة أن صديقتها رحلت إلى حيث لا يوجد ألم ولا معنى للخوف ، وأنها لم تعد موجوده لتحكي لها عن ذاك الشاب الذي تحمرّ وجنتاها عند رؤيته وعن تلك الشقراء التي دائما ما تستفزها في مكان العمل ، وعن حوادث الطريق وكم ارتعبت عند رؤية المصابين التي لم تتخيل قط أن صديقتها الوحيدة ستكون واحدة منهم يومًا ما ..
تخاف الفقد لأنها فقدت، وتخاف النوم لأنها ترى كيف فقدت مرات ومرات، وتخاف الحياة لأنها تجبرها على تقبل هذه الحقيقة، نرتبط بالأشياء لأثرها الجميل ونخافها أيضا لأثرها الجميل الذي لطالما أردناه أن يبقى ولم نعرف متى وكيف رحل ...
للتعليق