ولاء البهنساوي تَكْتُبُ: وَلَاءُ وَالسَّيِّدُ بَلَاءٌ (وَلَائِيَّاتٌ)
بَعْدَ مُضِيّ شَهْرٍ تَقْرِيبَاً، وَفِي لَيْلَةٍ شَدِيدَةِ الْبُرُودَةِ وَالْمَطَرِ سَمِعْتُ طَرْقَاً خَفِيفَاً عَلَىٰ الْبَابِ، تَعَجْبْتُ! مَنْ يَا تُرَىٰ سَيَزُورُنِي فِي هَذِهِ السَّاعَةِ؟! وَمِنْ ثَمَّ فَتَحْتُ الْبَابَ لِأَجِدَهُ (السَّيِّدَ بَلَاءً)!
وَجَدْتُهُ مُبْتَّلَاً بِسَبَبِ الْأَمْطَارِ، أَدْخَلْتُهُ سِرَاعَاً، وَشَرُعْتُ فِي تَجْفِيفِهِ وَأَنَا أَسْأَلُهُ: "لِمَ أَتَيْتَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ الْمُتَأَخِرَةِ سَيِّدَ بَلَاءٍ؟: ! وَهَلَّا اتَصَلْتَ بِي وَأَنَا آتِيكَ بِنَفْسِي؟!
فَقَالَ:"أَنْتِ أَحَقُّ أَنْ يُؤتَى إِلَيْكِ؛ فَالرَّاضِينَ بِقَضَاءِ اللَّهِ قَدْرُهُمْ عَالِي عِنْدَ اللَّهِ“.
اسْتَحيَيْتُ مِنْ كَلَامِهِ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: "مَا الْخَطْبُ إِذَاً؟".
قَالَ: "أَلَمْ نَتَفِقْ عَلَىٰ لِقَاءٍ دَوْرِيّ لِأَرْوِي ظَمَأَكِ فَي كُلِّ مَرَّةِ بِفَائِدَةٍ مِنْ فَوَائِدَ إِتْيَانِي إِلَيْكِ؟! -هَذَا إِنْ كُنْتِ رَاضِيَةً-!
قُلْتُ: "نَعَمْ نَعَمْ، مُشْتَاقَةٌ لِحَدِيثِكَ؛ تَفَضَّلْ“.
قَالَ: "فَلْنَبْدَأُ بِسْمِ اللَّهِ.. الدَّرْسُ الثَّانِي:
بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَيْكِ لِأعَلِّمَكِ أَنَّ لَكِ حُقُوقَاً كَمَا عَلَيْكِ وَاجِبَاتٌ، وَأَنَّ الْحُقُوقَ تُؤخَذُ وَلَا تُطْلَبُ، وَأَنَّ التَّنَازُلَ عَنِ الحُقُوقِ غَالِبَاً لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَأَنَّ كَثْرَةَ التَنَازُلَاتِ فَي الْبِدَايَةِ تَجْعَلُكِ لَا تَمْلِكينَ شَيْئَاً فِي الَِّنهَايَةِ، وَأَنَّ الْعَلَاقَاتِ أَخْذٌ وَعَطَاءٌ، لَا هِيَ أَخذٌ فَقَطْ، وَلَا هِي عَطَاءٌ فَقَطْ، أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ فِي سُورَةِ الرَّحْمَٰنِ: ﴿وَأَقيمُوا الوَزنَ بِالقِسطِ وَلا تُخسِرُوا الميزانَ﴾، فَفِي مِيزَانِ اللَّهِ كَمَا أَنَّكِ مَأْمُورَةٌ بِإِعْطَاءِ النَّاسَ حُقُوقَهَم، فَأَنْتِ مَأْمُورَةٌ كَذَلِكَ بِإِعْطَاءِ نَفْسِكِ حَقَّهَا، فَإِيَاكِ أَنْ تَبْخَسِي نَفْسَكِ حَقَّهَا، فَأَنْتِ مَسْؤُولَةٌ عَنْهَا بَيْنَ يَدَي اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهِيَ أَمَانَةٌ، كَمَا أَنَّ إِعْطَاءَ نَفْسِكِ حَقَّهَا هُوَ وَقُودٌ لَكِ لِتَتَمَكَنِي مِنْ إِعْطَاءِ الْآخَرِينَ حُقُوقَهَمْ، فَلَا تَنْسَيْ نَفْسَكِ، فَسَدِّدِي وَقَارِبِي.."
تَنَهَدْتُ وَقُلْتُ:" مَا أَجْمَلَ كَلَامِكَ!، أَكْمِلْ سَيِّدُ بَلَاءٌ".
قَالَ: “لَقَدْ دَاهَمَنَا الْوَقْتُ، فَالْحَدِيثُ مَعَ الرَّاضِينَ مُمْتِعٌ لِلْغَايَةِ، لَكِنْ يَجِبُ أَنْ أَنْصَرِفَ الْآنَ يَا وَلَاءُ، وَأَعِدُكِ بِزِيَارَةٍ قَرِيبَةٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ“.
انْصَرَفَ السَيِّدُ بَلَاءٌ وَتَرَكَنِي غَارِقَةً في مَاضٍ مُؤْلِمْ، عَازِمَةً عَلَىٰ التَغْييرِ..
▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️
- الْفَائِدَةُ: إِنَّ لِنَفْسِكِ عَلَيْكِ حَقََاً.
للتعليق