أحدث المقالات

إيمان السعيد تكتب : ليكن رمضانك

 إيمان السعيد تكتب : ليكن رمضانك

تصميم غلاف : أحمد رفعت

إيمان السعيد تكتب : ليكن رمضانك

رمضانٌ أقبل، لتُقبل معه بهجةٌ من شأنها أن تغمر كُل بقاع الأرض، وفرحةٌ قادرةً ان تمحو كل حزن مر، وخيرٌ يفيض ليملأ الكون، وآيات ذكرٍ تجوب ثغرات روحك فتملأ نفسك الفارغه وتُذهِب كُل ضيقٍ قد ألمَّ بك، وبتدبر كُل أيه تقرؤها وكُل رسالة ربانية تسمعها تطمئن، وبركةٌ تشمل يومك فتُنجز عملًا ويزداد كسبًا. 


الآن هيا معي في جولة سريعة داخل صندوق الذكريات، لاسترجاع ذكرى طفولتنا مع رمضان ؛ ليأتي في بداية الحديث، تلك الزينه التي تعودت ان تصنعها قُبيل قُدوم  أجملُ ضيف، فتتعاون انت واخوتك او رِفاقك لصنعها في أجواء مُفعمة بالفرح والضحكات، ثم تسرح بخيال طفلٍ سعيد، لتتصور أيام وليال رمضان، اجتهادك لإتمام الصوم كما الكُبار، قراءة وحفظ القرآن، لتتسابق مع صديقٍ لك من منّكما سَيحظى بقراءة أكبر عدد من أجزاء القرآن، تَجمُعِنّا في حلقة للإصغاء لقصص وحكايات، ومعرفة عظيم فضل رمضان، انتظارك لصوت آذان المغرب، ذهابك للمسجد مع والدك لتتناول التمر اللذيذ المُحبب لطفلٍ مُبتهج لإتمامه الصوم اليوم، وصغيرتنا التي تقف مع والدتها في المطبخ لتعد معها وجبة الافطار، التجمع يوميًا علي مائدة واحده - ربما يفتقد بعضنا ذاك التجمع في أيامه المُعتاده- انتظارك بفارغ الصبر موعد عرض؛ بوجي وطمطم، بكار، ظاظا فَظاظا جرجير طاظا، وكُل ما تعودت ان تُشاهده من برامج الاطفال، تناول الحلوى، الاستعداد لصلاة التراويح، ذهابك للمسجد مع اقربائك وجيرانك، صلة رحم لقريب، فتلهو وتلعب وتتناول كُل ما ألذ وطاب من الحلوى، بعدها تُقرر النوم فَتُأكد عليهم أن يوقظوك وقت السحور، لكي تري المسحراتي، المشهد الذي يحبه الاطفال وينتظره الكُبار. 


اين نحنُ الآن من كل تلك السعادة والبهجة ؟ 

رمضان شهر الصلاح والفلاح والمغفرة، شهر القيام والقرآن، والعتق من النيران، شهرٌ تشتاق له النفس، ويسعد به القلب، وتطمئن به الروح، ويصفو به العقل، وترق وتلين به الأفئده فتغمر هذا بالودّ وتعطف علي ذاك، ودٌّ لقريب، لصديقٍ قد تنساه في زحمة الحياة، فتُجدد نيةً وتصلُ رَحِمًا، وعطفٌ علي فقيرٍ مسكين، فلتأتي سريعًا يا رمضان، فقد بلغ الشوق منّا مبلغه. 


إن أتي رمضان الآن وانت تائه حزين مُذنب مسكين، فتلك هي فرصتك، انفض عنك غُبار الحزن، وَدِع الضيق والهم والذنب، دَع التوبةَ والفرح يدخُلان قلبك، فقد سئما طرق الباب طوال الفترة السابقة، كفاك اتباعًا للشهوات، كفاك كآبة وحزن.


رمضانٌ أتي ؟! يا لها من فرحة غامرة، الكُون كُله حولك يتمايل كغصن ورد جميل، لمسته نسمة هواء خفيف، كَشعاع ضوءٍ اتي ليُنير عتمةً، ويجلو سوادَ قلبٍ، فلنُجهز أنفسنا  لاستغلاله وإغتنام نهاره ولياليه والاستمتاع به، فلتصنع البهجه في بيتك، فلتحظى بالروحانيات وجمال العبادات. 


فليكن رمضانّك غير، فليكنّ رمضانّك هو شهر الروحانيات الجميله، والدعوات الصادقه - قادرةً ان يُذهب عنّا الوباء والبلاء، فليكن بدايةً صادقةً مع الله ومع النفس، ونقطة تحول وتغير حقيقًا، وليكن الاجتهاد حليفك والاخلاص في العبادة رفيقك، ونفسك اللوامة رقيبك في ليالي رمضان ونهاره. 

فأهلًا بك رمضان، أهلًا بك ضيفًا رائعًا، لا يَمل منه، تأتي فتُحي أملًا، وتُجدد ايمانًا، وتغرسُ غرسًا صالحًا، وتبهجُ نفسًا، وتُسر عينًا. 

رمضانٌ ملاذ أمن لكُل من فقد نفسه وتاه في زِحَام الطريق.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -